تشكيل حكومة المنفى أم بوادر الانفصال: قراءة في المشهد السوداني الراهن
يشهد السودان مرحلة حرجة من تاريخه، حيث تتقاطع الأزمات السياسية والإنسانية مع طموحات متباينة للقوى المتصارعة، مما يثير تساؤلات جوهرية حول مستقبل البلاد ووحدتها. في هذا السياق، يبرز الحديث عن تشكيل حكومة منفى كخيار محتمل لبعض القوى المعارضة، مقابل مؤشرات على توجه نحو الانفصال وتقسيم الموارد، ما يدق ناقوس الخطر حول مصير الدولة السودانية.
حزب الأمة وتوسيع قاعدة المشاركة
يُنظر إلى حزب الأمة على أنه من القوى السياسية السودانية الرئيسية التي تمتلك رؤية إصلاحية لوقف نزيف البلاد. ومن المتوقع أن يواصل الحزب جهوده لتوسيع قاعدة المشاركة السياسية، ليس فقط للأحزاب التقليدية، بل أيضًا لمنظمات المجتمع المدني، بما يعزز فرص التوصل إلى حلول شاملة للأزمة. هذه الدعوة إلى توسيع المشاركة ضرورية لتجنب الإقصاء السياسي الذي كان سببًا رئيسيًا في تأجيج الصراعات السودانية عبر العقود.
خطر التدخلات الخارجية وخلق “نموذج ليبي أو يمني”
التقارير المتزايدة عن دعم بعض الدول والمنظمات لمجموعات سودانية مسلحة أو سياسية تشير إلى نوايا خارجية لإعادة إنتاج سيناريوهات كارثية مثل الحالتين الليبية واليمنية. في السودان، قد يؤدي هذا التدخل إلى تكريس الانقسام بين الأطراف المتصارعة، مع تصعيد الأوضاع باتجاه حرب طويلة الأمد تستنزف البلاد اقتصاديًا واجتماعيًا، وتخلق واقعًا معقدًا يصعب حله.
رغبة أطراف الحرب في تقسيم السودان
تبدو رغبة أطراف الصراع في تقسيم السودان وتقاسم الموارد واضحة في ظل التعقيدات الحالية. السيطرة على الموارد الطبيعية مثل الذهب والبترول والأراضي الزراعية، قد تدفع الأطراف المتحاربة إلى التوافق على تقسيم البلاد جغرافيًا واقتصاديًا، وهو ما سيؤدي إلى تمزيق النسيج الوطني وتفاقم معاناة الشعب السوداني.
دارفور: الضحية الكبرى لأي سيناريو انفصال
إذا استمر التوجه نحو تقسيم السودان، ستكون دارفور من أكثر المناطق تضررًا. تعاني دارفور بالفعل من نزاعات طويلة الأمد وتهميش اقتصادي، وستصبح مركزًا للصراعات المستمرة على الموارد والحدود. كما أن سكان الإقليم سيواجهون أزمة هوية سياسية واجتماعية، في ظل غياب رؤية واضحة لمستقبل الإقليم في حالة الانفصال.
البدائل الممكنة: رؤية للخروج من الأزمة
- إعادة بناء الدولة السودانية: يتطلب هذا مسارًا سياسيًا يضمن تمثيلًا عادلًا لكافة الأطراف، بما فيها الحركات المسلحة ومنظمات المجتمع المدني.
- تعزيز دور المجتمع الدولي: يمكن للمجتمع الدولي أن يلعب دورًا إيجابيًا من خلال الضغط على الأطراف المتنازعة للوصول إلى حل سلمي شامل.
- إنقاذ دارفور: ينبغي وضع خطة طارئة لإنقاذ دارفور من تداعيات النزاع، من خلال برامج إعادة الإعمار والتنمية والمصالحة الاجتماعية.
- منع التدخلات الخارجية: لا بد من مواجهة التدخلات الخارجية بحزم، من خلال بناء تحالفات وطنية قوية وموقف موحد ضد المشاريع الخارجية.
السودان يقف على مفترق طرق، وأي انزلاق نحو سيناريوهات الانفصال أو تشكيل حكومة منفى بدون توافق وطني، سيزيد من معاناة الشعب ويدخل البلاد في دوامة من عدم الاستقرار. المطلوب اليوم هو وحدة الصف السوداني، وتغليب مصلحة الوطن على المصالح الشخصية أو الإقليمية، لضمان مستقبل أكثر استقرارًا وعدلًا للجميع.
المحامي عمر حامد
Be the first to leave a comment