
ظهر قائد الجيش عبد الفتاح البرهان يرتدي ملابس غير رسمية لحفل تخريج رسمي لعدد من وحدات الجيش، إذا عدنا بالذاكرة سنجد أن البرهان خرج بنفس الملابس في أول ظهور له في القيادة العامة وسط جنوده وكذلك يوم إشاعة موته (ناس الشجرة بسلموا عليكم) ويوم خروجه من القيادة العامة إلى منطقة كرري العسكرية، إذن هي ملابس تظهر في ظروف غير عادية، سبق ظهور البرهان خبر ذهابه إلى مصر عبر واحدة من أهم الصفحات التي تعتبر ذات مصداقية عالية وتحسب على القحاتة بعد أن أصبحت كلمة قحاتي تشمل كل الرافضين للحرب ودعاة السلام، لم يكن التخريج معلن وبالتالي لم تعلن زيارة البرهان لجبيت.
بعد إعلان خبر وصول البرهان لجبيت وبعد أقل من ثلاث ساعات انطلقت المسيّرات لتضرب مكان التخريج وتتسبب في قتل خمسة اشخاص حسب بيان الجيش، وصول المسيّرات لمنطقة الحدث في الوقت المناسب على الرغم من السرية الكبيرة التي تحيط بالحدث تقول الكثير ولمزيد من التوضيح نحلل كامل المشهد.
خروج البرهان بالملابس غير الرسمية لتخريج رسمي ربما يعني أنّه لم يكن يريد لمحيطين به أو أشخاص قادرين على رصد تحركاته أن يعلموا بنيته على الابتعاد من مقر إقامته وهذا هو نفس السبب الذي جعل البرهان يخرج بتلك الملابس من القيادة _اخفاء تحركاته عن دائرة قريبة _ تسريب خبر وجود البرهان بمصر لصفحة خال الغلابة كانت لنفس الغرض وهنا لا أشكك بصدق الخبر فهنالك عدد من المتابعين للشأن السوداني من الناشطين المصريين تحدثوا عن زيارة خاطفة سرية قام بها البرهان لمصر في الليلة السابقة لحادثة جبيت، ولكن تسريب الخبر كان للتمويه ولا استبعد أن البرهان زار مصر بنفس الملابس والطائرة.
نأتي للمسيرة والتي قال عنها خبراء عسكريون للحدث أن صوت المسيرة ومقدرتها الانفجارية تقول إنها مسيّرة قريبة المدى مخصصة للتصوير يتم ربط عبوات انفجارية صغيرة بها لتتحول الى انتحارية وتكون ذات تأثير محدود.
وفقاً لكلام الخبراء هذه المسيّرة مثلها مثل باقي المسيرات تمتلك خاصية التصوير ويستطيع المتحكم بها أن يرى ما تحتها ويستطيع أن يسقطها في النقطة التي يريدها تماماً، إذن فرضية أنها أخطأت الهدف غير واردة وإذا تذكرت الفيديو الذي ظهر من منطقة كبار الشخصيات فإنهم لم يتحركوا من مكانهم ولم يصدر منهم أي رد فعل ليتجنبوها حتى سقوط المسيرة التي لفت صوتها انتباههم قبل ثواني من السقوط، النقطة الأعجب والأخطر هي غياب أصوات المضادات ووصول المسيرة لهدفها بشكل دقيق يعني غياب أجهزة التشويش. هذا هو المشهد الذي رافق المسيّرة دعونا نبحث عن *الأسباب والأهداف*
و يتحدد الهدف حسب الفاعل، فإذا كان الفاعل هو الميليشيا عبر خلايا نائمة في المنطقة المحيطة بجبيت – وقلت خلايا نائمة لأن المدى لهذه المسيرات يبلغ 50 كيلومتر في أحسن الظروف – فإذا كانت الميليشيا هي الفاعلة فهي لم تريد أن تقتل البرهان وإلّا لوجهت المسيرة لقبعته المميزة، وإذا كان للميليشيا خلايا نائمة اقتربت بهذا القدر حيث تبعد جبيت 120 كيلو عن بورتسودان فهي قادرة على إرسال نفس هذه المسيرات للميناء وتسبب هلع وعدم استقرار يهزّ صورة الجيش والحكومة وربما تتسبب في تعطيل المطار والميناء خوفاً من إصابة السفن والطائرات مما يقطع صلة السودان والحكومة بالعالم الخارجي وحينها سيكون التأثير أكبر والرسالة أبلغ، وإذا كانت الميليشيا هي الفاعلة وتريد اغتيال البرهان لماذا اكتفت بمسيرتين صغيرتين؟ لماذا لم يكونوا تسعة أو عشرة ليكون الهدف أضمن؟
وهنا نتذكر إفطار البراء بن مالك نفس عدد المسيرات والتأثير المحدود، إذا كانت الميليشيا هي الفاعل ربما كانت تريد ارسال رسالة ولكني لم أجد رسالة تصل بضرب جبيت ولا تصل بضرب بورتسودان بنفس المسيرات ورأينا الدعم السريع يستهدف كل المدن التي يطالها بالمسيرات في نهر النيل والنيل الابيض.
الفرضية التالية أن الفاعل هو أحد الموالين أو المنتمين للجيش ولم يريد قتل البرهان ولكنه يريد أن يرسل رسائل تهديد للبرهان حتى لايذهب للتفاوض أو يفكر بالخروج عن خطهم و خططهم، برهان الذي يخبرنا أنّه لا يثق في المحيط بعدة طرق أبلغته المسيرة رسالة نحن قادرين على أن نتخلص منك ونتحكم في الحماية من حولك ونجردك من الوسائل التي تضمن سلامتك _التشويش والمضاد _ .
ومن حقنا كمتابعين أن نشك في من حول البرهان والموالين له فسرعة تنفيذ العملية تقول أن الفاعل لم يكن يحتاج لكثير من الاعداد لينفذ، ونطاق المسيرة ووصولها لهدفها يزيد من هذه الشكوك، ويستطيع البرهان أن يحدد إذا كان الفاعل من دائرته حسب السرية التي تحرك بها وحسب القادرين على تحريك المسيرات وتسكيت المضادات وتعطيل المشوشات.
هنالك احتمال آخر أن الفاعل هو البرهان نفسه ليحصد تعاطف والتفاف شعبي كهدف قريب ويصنع سبب ليضرب من يرى أنهم يشكلون تهديد له بشكل شخصي أو تهديد لخططه من المحيطين به في حالة معارضتهم لتحركاته وهذا تصرف معهود في الحكومات حيث تدبر جرائم وانقلابات وتنسبها لخصومها وتتخلص منهم، وفي هذه الحالة يكون برهان من فعل كل شيء وكانت السرية في التحركات حتى يضمن أنه لن يتم استغلال الظروف التي اجبرته على سحب وسائل الحماية من جهات تريد اغتياله بحق وحقيقة، وأهم ما تشير إليه آخر افتراضات أن هنالك انشقاق قد حدث داخل الجيش بالفعل في جسم الجيش أو بينه وبين المتحالفين معه وأن ظهور آثاره على السطح مسألة أيام وإن البرهان يمتلك تهمة معلقة يمكنه أن يسقطها على رأس من يريد.
Be the first to leave a comment