
ظهر محمد حمدان دقلو، المعروف بـ”حميدتي”، قائد “قوات الدعم السريع”، أمام الجمهور بعد غياب طويل، مرتديًا عمامة تقليدية تُعرف محليًا بـ”الكدمول”. في خطوة غير مسبوقة، تخلى عن الأوسمة العسكرية التي كان يعرضها دائمًا، وبدلاً من ذلك، استخدم لغة تعبئة قتالية تصعيدية، مشيرًا إلى استهداف مناطق جديدة. جاء هذا الظهور تزامنًا مع ذكرى تأسيس قواته، مما يُفهم على أنه إشارة إلى احتمال تصعيد القتال في السودان.
تباينت الآراء حول مضمون الخطاب، حيث اعتبره البعض جزءًا من حرب نفسية تهدف إلى تعزيز الروح المعنوية واستعادة حماس مقاتلي “قوات الدعم السريع”، الذين عانوا من خسائر كبيرة في العديد من المواقع التي كانوا يسيطرون عليها في الأشهر الأخيرة. في المقابل، رأى آخرون أن الخطاب يمثل إعلانًا عن استراتيجية جديدة في الحرب، حيث قامت “قوات الدعم السريع” بتعزيز موقفها السياسي من خلال تشكيل تحالف “تأسيس” مع أحزاب ومجموعات مدنية تهدف إلى إنشاء حكومة موازية في المناطق التي تسيطر عليها.
بالإضافة إلى ذلك، استعدت “قوات الدعم السريع” عسكريًا من خلال الحصول على أسلحة حديثة وتدريب مقاتلين جدد، مما يعكس رغبتها في تعزيز قدراتها القتالية. هذه التحركات تشير إلى أن حميدتي يسعى إلى إعادة تشكيل المشهد العسكري والسياسي في السودان، في وقت تتزايد فيه التحديات والصراعات في البلاد. إن هذه التطورات قد تؤدي إلى تصعيد أكبر في النزاع، مما يثير القلق بشأن مستقبل الاستقرار في المنطقة.
وشكر حميدتي، في خطابه، دولة كينيا على استضافتها لاجتماعات تحالف “تأسيس”، واعتبر ذلك استمرارًا لدور نيروبي في العديد من محادثات السلام السودانية، أبرزها “اتفاقية السلام الشامل” المعروفة باتفاقية “نيفاشا”، نسبةً إلى المدينة الكينية التي استضافت محادثات السلام خلال فترة حكم الرئيس المعزول عمر البشير.
صرح المحلل السياسي محمد لطيف أن الخطاب تناول الإمكانيات السياسية والعسكرية لتحالف “تأسيس”، خصوصاً في قدرته على مواجهة سلاح الطيران الخاص بالجيش السوداني؛ حيث أكد حميدتي على أهمية تحقيق توازن جوي وتعديل معادلة تفوق سلاح الجو التابع للجيش.
لكن لطيف أشار إلى ما أسماه تجاهل حميدتي لموضوع “الحكومة الموازية” في كلمته، قائلاً: “يمكن أن يكون تجاهل (حميدتي) لهذه القضية مرتبطًا بموقف الاتحاد الأفريقي الذي رفض بشكل واضح تشكيل حكومة موازية في السودان”، وذلك في إطار حالة التنافس مع الجيش لكسب التأييد الإقليمي.
رجح لطيف أن قائد “قوات الدعم السريع” قد يعتمد على تصعيد عسكري للعمليات، وقد أعدت قواته لذلك، مشيرًا إلى أن “الخطاب تعبوي بشكل كبير، ويدل على تصعيد عسكري بقدرات جديدة، بغض النظر عن ما يحدث”.
قال الناشط السياسي والمحامي حاتم إلياس لـ«الشرق الأوسط» إن ظهور «حميدتي» بعمامته القبلية يعتبر «علامة رمزية تعبّر عن استعداد قواته لخوض معركة طويلة بعد تشكيله للتحالف الجديد الذي أضفى عليه بُعداً سياسياً وعسكرياً جديداً».
كان آخر ظهور لـ “حميدتي” وهو يرتدي العمامة القبلية خلال الأيام الأولى للحرب، حيث تم رؤيته على عربة قتالية بالقرب من القصر الرئاسي في العاصمة الخرطوم. وقد اعتبر إلياس أن تحالف “قوات الدعم السريع” مع “الجيش الشعبي” التابع للحركة الشعبية و”قوات الجبهة الثورية” يشكل تحالفًا جديدًا ضد الجيش، مما يساهم في توحيد قوة هذه المجموعات المسلحة وتعزيز قوتها العسكرية.
Be the first to leave a comment