خطاب حميدتي سياسي خارجي أكثر منه عسكري
بقلم شاهيناز القرشي
لتحلل خطاب حميدتي بشكل صحيح يجب أن تضعه في الخانة الصحيحة فهو ليس خطاب عسكري إنما هو خطاب سياسي بامتياز يؤسس للتحول العسكري القادم على الأرض وهو تحول فرضه تغير سياسة الجيش التي مكنته من التحرك إلى الأمام في عدة محاور، ما احتسبه من يقود الدعم السريع وهو ليس آل دقلو أن استمرار نفس السياسة السابقة في المعارك تعني فقدان ما كسبه الدعم السريع من أرض، لذلك سنرى طرق مختلفة في التعامل العسكري، تلك الطرق ربما كانت ستجلب العداوة من المجتمع الدولي للدعم السريع، لذلك كان يتجنبها و يظهر بمظهر الموافق على كل المبادرات والحريص على السلام وبما أنه يحقق انتصارات على الأرض فلا بأس من مجاراة العالم.
عندما تحلل خطاب حميدتي على أساس أنه يستشعر رفض العالم له فانت تخطئ في تحديد الزاوية، فقبل ثلاثة أيام من خطاب حميدتي كان هنالك وفد من الدعم السريع في منتدى السلم والأمن الإفريقي في جنوب إفريقيا حضر المنتدى بدعوة رسمية، وقبل الخطاب بيومين أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على القوني ولكنها لم تعاقب حميدتي ولا قوات الدعم السريع، الزاوية الصحيحة معكوسة تماماً حميدتي الذي ظهر بوجهه القديم دون أوراق ولا كلام منمق اتهم المجتمع الدولي بتخليه عن دعم الاتفاق الإطاري كما يجب، وذكرهم أنه نبههم أن هنالك حرب يمكن أن تندلع بسببه، ونعود لخطابات حميدتي منذ بداية الحرب حيث قال أن انقلاب 25 أكتوبر أعاد الإخوان المسلمين من أول ساعة وكان ذلك سبب خلافه مع البرهان، إذن الاتفاق الاطاري كان سيغير التركيبة السياسية التي وجدت بعد الانقلاب وذلك سيؤدي للحرب.
كل من يفسر كلام حميدتي باتجاه آخر إن لم يكن يحلل بشكل رغبوي فهو يلوي عنق الحقيقة ليواصل في خطاب يفرضه عليه انتمائه مع علمه بالحقيقة.
هذا التحول الكامل في طريقة حديث حميدتي حيث انتقل خطابه من الحديث عن العنف البنيوي إلى نوريك الكي والقرض الني يثبت أن حميدتي تخلى عن ادعاء الأفندوية وقرر أن يسقط قناع المؤسسية وسيستخدم كل الوسائل لينتصر وسائل عنصرية وقبلية وعسكرية فيها كثير من التجاوزات.
أخذ حميدتي كل ما يقوله الجيش وداعميه ليستخدمه كسبب للتحول السياسي العسكري القادم عندما يقال إنه نفذ انقلاب كان ينفي، عندما تناديه بميليشيا كان يستنكر، ويلبس هو ووفده ملابس الافندية لمقابلة العالم، الآن وبلا مقدمات حميدتي يعاتب العالم على تصديق رواية أنه حاول أن ينقلب على الجيش، هل يوجد أي موقف خرج من الجهات التي تسعى للسلام يصنف حميدتي أو قواته كانقلابيين؟ هل يوجد مخاطبة واحدة رسمية وجهت للدعم السريع من جهة معتبرة خاطبته بالميليشيا؟ لم تفعلها إلّا مصر بعد أن وضعها حميدتي في موقف لا تحسد عليه وبالمناسبة لا استبعد أن هذا التصرف جاء بموافقة مصر نفسها حتى تجبر على التملص من دعم العمليات العسكرية جواً ولا ننسى زيارة محمد بن زايد لمصر الذي من الممكن أن يؤثر في قراراتها تجاه الحرب، حميدتي يخبر العالم أنه حاول ولكنه لم يجد الاستجابة المتوقعة لذلك لا يجب أن يلوموه إذا توقف عن المحاولة.
هنالك مفهوم خطير يدركه حميدتي جيداً حصوله على الشرعية والقبول العالمي لا يرتبط بمدى اتباعه للقانون بل يرتبط بمدى قوته وثباته وأن يظل قوة معتبرة لذلك هو حريص على الاستمرار في المعارك أكثر من حرصه على مجاراة العالم فهنالك عشرات الميليشيات المجرمة في العالم و التي جلست بطاولة التفاوض وخرجت بمكاسب مرضية.
ولكن هنالك عائق يجبر حميدتي على التحرك في المناطق الآمنة قانونياً، هذا العائق هو الثروة التي ترتبط باسمه فربما يتخذ تدابير تجعل أغلب هذه الأموال خارج نطاق أسرته، وكذلك لن يقطع شعرة معاوية مع المجتمع الدولي وسيظل يلعب دور الضحية مع تحريك لوبيات داخل الأمم المتحدة تتبع للدول الداعمة له ليتجنب العقوبات، السؤال المهم في هذه المرحلة هل يمتلك الجيش المرونة الكافية ليجاري هذا التحول في سياسة الدعم السريع القتالية حتى يحافظ على التقدم ويحرز المزيد أم يحتاج لثمانية عشر شهراً أخرى ليجد الطريق؟
وأتوقع أن يكون خطاب حميدتي القادم بالكدمول امعاناً في اظهار الردة عن السياسة السابقة.
Be the first to leave a comment