Article arrow_drop_down
*شاهيناز القرشي*
أول ما يجب أن نثبته في هذا المقال أنّ الجيش لم يرفض الاتفاق الاطاري والدعم السريع أيضاً وافق، إذن لم يكن هنالك خلاف على الاتفاق الاطاري على الأقل في الظاهر لذلك لا يمكن أن يكون سبباً لاندلاع الحرب بين الجيش والدعم السريع، وكذلك لا يمكن أن تكون الحرية والتغيير سبب لأنها كانت على وشك العودة للسلطة بنفس الاتفاق دون شراكة مع العساكر، وبحرية كاملة، وبدعم عالمي جيد، إذن لا يمكن أن تتسبب الحرية والتغيير في الحرب التي أوقفت عودتها فالحرب كانت ضد مصالحها، ولكن الآن حدث تحول عجائبي في الأحداث وأصبح استمرار الحرب يصب في مصلحة الحرية والتغيير، وعلى الرغم من ذلك هي لازالت على موقفها بالمطالبة بإيقاف الحرب.
إذن السؤال الذي يجب أن يطرح إذا كان الجيش موافق بل والبرهان كتب بيده بعض بنود الاطاري وأغلبه كتب في حضوره، وحميدتي أقسم أنه لن يتراجع عن التنفيذ إذا قام بالتوقيع، والحرية والتغيير شريك في كتابة الاتفاق الذي سيعيدها للسلطة من الذي أشعل الحرب ولماذا؟
الذي أشعل الحرب هو الجهة الوحيدة غير الموافقة على تنفيذ الاتفاق والتي كانت ستخسر إذا تم تنفيذ بنود الاطاري، وهم الإخوان المسلمين لذلك اندلاع الحرب لم يكن لصالح الحرية والتغيير بل لصالح الكيزان، ولكن استمرارها لصالحها وضد مصالح الكيزان.
لنفهم هذا يجب أن ننظر للساحة السياسية والعسكرية في السودان، استمرار الحرب يعني استنزاف مالي وبشري لجميع الأطراف المقاتلة، بينما الحرية والتغيير يتم استنزافها سياسياً عبر الآلة الإعلامية الإخوانية التي توجه كل قوتها لمحاربتهم، فإذا كانت الحرب لفائدة الإخوان المسلمين وهم جماعة سياسية فالهدف من الحرب هدف سياسي، فإذا ظلت الأحزاب مقبولة في نظر الجماهير ذلك يعني أن الهدف الرئيسي لحرب الإخوان المسلمين لم يتحقق وكل هذه الخسائر بلا فائدة، وكل ما طال أمد الحرب وواجه الناس حقيقة أن العودة للسودان ولمنازلهم أصبحت شيء غير مؤكد ومشكوك فيه سيضعف هذا المكسب السياسي، وسيخف الضغط عن الحرية والتغيير، ولنا أن نأخذ مثلاً من السوريين فاذا سألت أحدهم الآن ما موقفك من الفنان الفلاني أو السياسي الفلاني بناءً على موقفه السياسي من الحرب لن تجد ذلك التشنج الرهيب الذي كان في أول الحرب ضد هذه الشخصيات، بل حتى العودة لبيته ووطنه أصبحت أمور غير ملحة، فقد بنى حياته في مكان آخر واستقر ونسى كل أملاكه ومكتسباته في بلده، ومع هدوء كل هذه المشاعر الغاضبة أصبحت المعلومات سهلة التفنيد، والحقائق متاحة، فيصبح أمر الخائن مكشوف، والكذب مفضوح، ويخرج المواطن من وعي القطيع شيئاً فشيئا، وحينها سيوجه غضبه للمتسببين في الحرب والمستفيدون منها مالياً والمضللون، وحتى المتكسبين مالياً من شكل الحرب الحالي سيتغيرون بسرعة، وستظهر طبقة أخرى يفرضها تغير الواقع الذي سينشأ مع الاستمرارية، وستدب بينهم الخلافات الداخلية، مما سيضعف تماسكهم وحينها سينكشف المسروق، عندما تنكشف الحقائق ستعود الأمور إلى نصابها، وتصبح الحرية والتغيير الصوت العاقل الذي ينادي بالسلام، وسيكون ذلك بعد السنة الخامسة أو السادسة من الحرب، وبعد انقشاع غبار الكذب والأوهام.
حتى أنا كشخص يتعرض للتهديد من قبل الكثيرين بسبب رفضي للحرب – واعتباري أنها حرب سياسية وتم اقحام الجيش فيها لصالح المؤتمر الوطني – استمرار هذه الحرب يجعلني في أمان ويزيد فرصي في إيجاد بلاد للجوء تستقبلني دون عناء، وعلى الرغم من ذلك لازلت على موقفي، أوقفوا الحرب.
فأنا بشكل شخصي قادرة على خوض معاركي السياسية مع الأنظمة لا احتاج لتشريد الملايين، وذلك حال كل السياسيين الذين ينادون بإيقاف الحرب، نفضّل أن يكون السلام هو حال الوطن.
أوقفوا الحرب، مبدأ ليس له علاقة بمكاسبنا وخسائرنا الشخصية والحزبية، واستمرار الحرب خسارة للوطن لا تعوض .
Be the first to leave a comment